لهنّ - بقلم د. مهى شومان جباعي

لتزويدنا بأي خبر، مناسبة، صورة.. أو للتواصل مع
"موقع جويا "أنقر هنا

07-03-2020

لهنّ - بقلم د. مهى شومان جباعي

إهداء إلى نساء الجنوب 1982

على وقع خطواتهنّ
يستيقظُ الفجرُ
يقطرُ ماء الوضوءِ
طُهرًا عن جباههنّ.
يشعلْنَ مواقدَ الصباح
وسواعدُهنّ
مرفوعةٌ إلى السماء... بالتكبير
يملأْنَ أباريقَ العافية
ويسابقْنَ الشمس
إلى حقول الخير والعطاء
إنهنّ ... إنهنّ.... نساء الجنوب....

*******

على أكفهنّ يستريح العمر
وشتلات تبغ
يودّعنها برفق
في خزائن الأرض.....
يعطين الحياة
بطيبة خاطر..
فتعطيهن من طيبتها...
فيض قمح في سلال الخير
وزيتًا مباركًا في خوابي البركة

********

طيبات ... طيبات جدًا
فالشمس تشرق محبة... بهنّ
والقمر يهل أعيادًا لهنّ
والنهر يجري ليخالطهنّ
والهواء ...إن رقّ
فلأجل خواطرهنّ
وأستار الليل ما انسدلت
إلا لتكون حجابًا...
لحيائهن .....

********

لباس التقوى... لباسهن
ثوبٌ بسيطٌ
من حشمة وطهر
لا تستهويهن بهرجات العصر
ولا بدعُ عوالم من زيف
فلهنّ عالم من تقوى
أحكامه لا تمس
قواعده عبادات
غيبنها عن ظهر قلب...
فكتابهنّ عزيز كريم
ودعاؤهنّ مفاتيحُ لجنان
وقولهنّ.... دوما "الحمد لله"

********

يحار الوقت
في قهرهنّ
فلهن ساعة زمنية
تنظم اللحظة وتضبطها
على ايقاع عقرب التقوى
وأذان ... منبّه
إن صدح،
لا تستمهلهنّ مشاغل الحياة
لحظة واحدة
عن صلاة وسجود..

*********

مقاوِمات ... مجاهِدات
بالفطرة... ربّما
كربلائيّات النشأة.... زينبيّات الهوى
بالتربية .... حتمًا
صفعن المحتل
رشقنه بالحجارة
والزيت المغلي
وبوابل من الإهانات والسخط
وقفن بوجهه
موقف عزّة وتحدّ
فلا هانت عليهن أرض
ولا فرطن بكرامة وطن
فصمدْنَ وصمدْنَ وصمدْنَ
وما بدلْنَ تبديلا....

*********

صابراتٌ .. مؤمناتٌ...
يعبرْنَ على الجرح
كما أضرحة الشهداء
من فلذات أكبادهنّ
بصبر....... بتقوى
مجللة بذكر الله
ويمضين
خلف ستار العمر
متشحات بالسواد
فقد أحالت سنوات الوجع
أعيادهن مآتم ....
يحترفن الصمت
وكم حكى الصمت.. في أحداقهن
من حكايا
وروى بالدمع ذكريات

**********

أمّهات يتقنّ الصبر
ويمتهنّ ثقافة الانتظار
يجلسن على حافة الزمن الصعب
قرب ياسمينة الدار
بانتظار من غادروا....
بانتظار من اعتقلوا
في سبيل وطن.... في سبيل قضية
يمر العمر بأبوابهنّ
محملاً بالأسى
يغافلنه بتسبيحة.... بدعاء
بتحية لأهل وجيران
وعيونهنّ ما علت يومًا
.... إلا إلى السّماء
ووجوههنّ ما هلّلت يومًا
.....إلا للنصر

**********

متعاليات على الوجع
يسخرن من الأيام
إن جارت عليهنّ الأيام
يطوين الشوق والحنين
باستغفار.... بدعاء
يرسمن على وجه العمر
ابتسامة....
يسامرن الوقت
بأهازيج بتواشيح ...عاملية
ورثنها عن جدات
علمنهنّ النضال
بوجه مستعمر ومحتل
متصالحات مع الحاضر
مؤمنات بالغد
ففي القلب شعلة إيمان لا تنطفئ ...
وآمال تصحو مع كلّ صباح....

**********

لنساء الجنوب
يبتسم العمر....
ويكتب التاريخ...
أروع فصوله
لنساء عبرْنَ على الجراح
بأكاليل الزهر والغار
لنساء أنجبن
حماة الوطن
وأضأن لهم
مشاعل المقاومة
من شموس تشرق
ولا تغيب
لنساء ... آمنّ بالله
بالوطن .... بالحرية
فكان النصر ...... وكان التحرير......

***********

لمن لا يعرفنهنّ....
لهنّ بساطة العمر
ليتنا مثلهنّ.... نختبر بساطة العمر
لهنّ تنحني الحياة
وتهلّل السماء
حبذا لو سمعنا يومًا تهليلها ... كما يسمعون
لهنّ ... لهنّ
"سلام قولا من رب رحيم"
وعد إلهيّ في كتاب كريم ....
حبّذا.. حبّذا .... لو نوقن...... وتوقنون.....

د.مهى شومان جباعي
أستاذة جامعية - كاتبة
يوم المرأة العالمي٢٠٢٠