سيدتي زينب - بقلم الشيخ ابراهيم فواز

لتزويدنا بأي خبر، مناسبة، صورة.. أو للتواصل مع
"موقع جويا "أنقر هنا

07-10-2016

سيدتي زينب - بقلم الشيخ ابراهيم فواز

باسمه تعالى
سيدتي زينب
ربما تعلمين كم أعشق ذِكر إسمكِ
زينب زينب
قد أتوَّهم أني أعرفكِ
لكن فكري تائه بين أحد جوابين
أأنت توصفين بالعظمة أم العظمة تُعرف بكِ
قالوا أنكِ أم المصائبِ
ما أبسط وصفهم بل ما أبلد فهمهم
تاه عنهم دون شك
أنك أم المفاخر
أم الشهداء وأخت الشهداء
أن أنفاسكِ ، كلماتك تنثر عِبقَ عطر الشهادة
من زمن عاشوراء إلى كل الأزمان
من أرض كربلاء إلى كل البلدان
أي عظيم أصفُ من أفعالك سيدتي
يا زينب
أقولُك وأنت تحضنين رأس سيد الشهداء :
اللهمّ تقبّل منا هذا القربان
أتعلمين سيدتي الآن الآن فهمتُ
كنتِ تلك اللحظة محمداً النبي الأعظم في يوم المباهلة
يوم أخذ أهل الكساء ليقول هؤلاء أهل بيتي قربان إثبات الحق.
وأنتِ في أرضِ كربلاء باسم محمدٍ وعليٍ وفاطمة والحسن ودماء الحسين تُقدمينَ قربان صفاء سمو الإخلاص لله.
لكن ما أغربها مفارقة أن من أرادوا مباهلة النبي يومها تراجعوا وهابوا الموقف لما رأوه صلوات الله عليه يُقدِّم الشهادة للحق بأعز الأعز وأطهر الأطهار .
لكن معسكر الطغيان والإجرام في كربلاء ما هابوا حرمةً للنبي ولا كرامة فذبحوا سيد الطهارة والجِنان .
ما اقبحهم ، ما أتفههم : ظنوا أنهم قتلوا الثورة وقائدها .
وما أدركوا أن الحسين إنما خطّ بدمه طريق الثورة وأنتِ
وحدكِ من حمل مشعلها وقادها .
سيدتي كان نظرك من خلال عاشوراء ينظر إلى كل الزمن الآتي بل إلى يوم القيامة لكنهم أيضاً لم يُدركوا ذلك حتى حينما سألك الطاغية : كيف رأيتِ فعل الله بأخيكِ ؟
وكان جوابكِ خارقاً حجُبَ الزمان والمكان : ما رأيتُ إلا جميلاً ؟
كيف لا : وهل هناك أعظم وأجلّ وأجمل من أن يتجسدّ كل الأنبياء بجسد الحسين في كربلاء ؟ وأن يَنطقَ لسانه بكل رسالات السماء ؟ وأن تكون إرادة الله بشهادته شهادة لكل الحق في وجه كل الظلم ؟
نعم من مثلكِ يا زينب ؟
أليس من الحق التساؤل : أمِنْ جنسِ البشرِ أنتِ ؟
أم من طينة خاصة لم يعرفها البشر ؟
أذكرُ أني لسنوات وكلما أقف في عاشوراء متحدثاً عنكِ
كنتُ دوماً أسأل ذات السؤال : كيف إستطاعت رجلاكِ أن تحمل جسدكِ يومها ؟
كيف بقي ظهركَ واقفاً ؟
كيف يا زينب ؟
أجساد أبنائك وأخوتكِ وأبنائهم مُذبَّحة مضرّجة بالدماء وحولهم أجساد خيرة أصحاب الرُسل وكل دمائهم تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
من أنتِ يا زينب ؟
ذبحوا أطهر الطاهرين أمام ناظريكِ ، وتصرخين اللهمّ تقبّل.
وبعدها كل همكِ إحتضان الأرامل واليتامى وراية الثورة على لسانك تهزُّ عروش الطُغاة .
أصدقُكِ القولَ : أنا لا أمدحكِ لأني أعلم أني أصغر من أن أتطاول لذكرِ عظيمِ وصفكِ .
لكني أتساءل من أنتِ ؟
زينب يا بنت محمدٍ وعليٍ وفاطمة وأخت الحسنين
يا زينب هل لي أن أتوسل
يا صرخة الحق في كربلاء والكوفة والشام
رجاءً أخبريهم في هذا الزمان
أن الحسين لا يحيا بسواد الثياب
وفي كلِ البلاد أيتام وعراة
أن الحسين لا يحيا باللطم والنشيد
وحيثُ توجّه النظرُ فثمة ظالمٍ ومظلومٍ
أخبريهم أن الحسين لا يحيا بمآدب المباهاة
وفي كل بلادهم جائعون لكسرة خبزٍ
أخبريهم أن الحسين لا يحيا بنعيم تُجّار العزاء
وفي بلاد المسلمين نازحون ومهجرون وهاربون
أخبريهم أن الحسين لا يحيا بلعلعة ألسنة الخطباء
ومنابر المسلمين تضجُّ بالتكفير والتفجير والتهجير
أخبريهم يا زينب
أن الحسين لا يحيا بضرب الرؤوس
وآلاف الجرحى والمرضى ينتظرون قطرات دماءٍ
يا زينب
أخبريهم أن دماء الحسين لا تحتاج إلى مدحٍ وتمجيدٍ
وأنه ما أستُشهدَ إلا ليقول الحق بدمهِ
لعلهم يتجرأون على قولِ الحق بألسنتهم
وأن الحقَ أحقُ بالقول من مدحِ أصحاب الشأن
يا زينب أخبري الحسين أنّ دمه ما زال يغلي
في صدور المستضعفين وقلوب الثائرين
أخبري الحسين يا زينب أن أصحابه لم يستشهدوا
كلهم في كربلاء
بل في مشارقِ الأرض ومغاربها حسينيون بآلاف الآلاف
أخبري الحسين يا زينب
أن الطُغاة ما زالوا يخافونه ويخافون غليَان دمه
وأنَّ أصحابه ما زالوا يُقاتلون ويَقتلون ويستشهدون
أخبريه أن الأرامل والأمهات واليتامى
يستبشرون بأصحابكَ الصادحين بقول الحق ، المجاهدين في سبيل المستضعفين ولا يُفرِقُونَ بين إنسانٍ وإنسانٍ
يا زينب قولي للحسين أبشِر
فإن الكثيرين الكثيرين صاروا يعرفون أنك لم تكن أبداً إماماً
لجماعةٍ وخصوصِ طائفةٍ
بل كُنتَ وما زلتَ إماماً للأحرار والثائرين على الظلمِ
أينما وُجِدَ الظلم
وأنكَ إمام الإنسانية بلا شكٍ من عاقلٍ
وأنكَ يا بضعة الرسول رحمة الله للعالمين
وسلامٌ عليكِ يا زينب
من كلِ دمعةٍ على الحسين
من كل نقطةِ دم شهيد وجريحٍ سار على درب الحسين
من آهات الأمهات ووجع الأرامل وبكاء اليتامى
سلامٌ عليكِ وعلى أخيكِ الحسين ومن أستشهِد مع الحسين
بقدرِ أنفاسِ المستضعفين في الأرض
سلامٌ عليكِ وعلى جدّكِ وأبيكِ وأمكِ وأخويكِ وعلى الأطهار المظلومين الذين سيرثون الأرض بوعد ربِ العالمين .
والله الموفق والمستعان